لقد تقادم الدهر بصنعاء القديمة ،لكنها لا تزال تقف في وجه الزمن حتى اليوم بمعمارها وجمالها الطبيعي ،تتحدى صنعاء الجديدة ،وتزهو بمنازلها التي كاما تصدعت أحجارها وبهت لون آجرها ،أو اختفى زادت جمالاً ونقاء
وزادعدد عشاقها ،وتكاثرت أسراب السياح المفتونين بالطابع المعماري العريق ،والحالمين بفنادقها التقليدية المسماه بالسماسر، ليذوقوا لحظات الراحة في مدينة لا يتسلل اإليها الخوف وليس فيها مخابئ ولا حوارسرية كبعض المدن القديمة ، فهي واضحة شفافة ، ما يكاد يختفي قنديل النهار (الشمس )
حتى تضئ قناديلها الليلية الصغيرة التي تطل من وراء العقود الزجاجية الملونة نفتبعث الراحة ولأمن اإلى نفوس المارة ،وهواة النزهة المسائية في شوارع لا تعرف الانكماش ،أو التمدد بفعل البرودة والحرارة 0
وحين توارب النساء النوافذ الخشبية صباحاً ، تدخل الريح بنعومة عبر شقوق هاذه النوافذ ، ويسترجع الناس صدى أغنيات كأنها قادمة من الماضي البعيد
ويصغون اإلى موسيقى مترعة بالشجن العميق ، وبقايا حكايات ترجع في أصولها إلى أقدم الأزمان 0
ومن المؤكد أنه ليس للجمال شكل ثابت متفق عليه ،ولا هيئة خاصة ، إنما لكل إنسان ذوقه الخاص بتحديد أبعاد الخجمال ،هكذا يقولون ،لكن الجمال الذي تتمتع به هذه المدينة يؤكد أن هناك قاسماًً مشتركاً تلتقي عنده نواميس الحواس الحقيقية 0
وإذا كان لكل جمال أسراره الخاصة ،فإن البساطة هي سر الأسرار في جمال هذه المينة البديعة التي تجمع بين سحر الواقع وجمال الأسطورة 0